أظن أن الأخ مرتضي خليفه يمكنه الآن أن يعلم لماذا إندثرت المصطلحات القديمه .
ساخر سبيل (الفاتح جبرا)
الحاجة طلعت تفتيحة
فى أيام شبابنا الباكر ظهرت فى العامية السودانية بعض الألفاظ التى لم نكن يعرف مصدرها لكننا كمراهقين فى ذلك الزمان الغابر كنا نستخدمها مع بعضنا البعض كلغة شبابية جديدة وهى عبارة عن كلمات متجانسة أذكر منها (السنقة فى الرنقة) و(القزازة فى البزازة) و(والعملية فى النملية) . وعلى الرغم من أن هذه العبارات عبارات خاوية لا تشير أو ترمز إلى شئ معين إلا أن الوالد عليه رحمة الله قد (قبضنى) ذات يوم أردد إحدى هذه العبارات فكاد أن يصاب (بجلطة دماغية) وبعد ان أرغى وازبد قال لى :
- شوف يا ولد ده بيت محترم لو عاوز تتكلم جنس الكلام ده فتش ليكا بيت تانى .
مناسبة هذه المقدمة هو أن جارتى (س) قد حكت لى وهى شبه منهارة أنها لاحظت أن إبنيها المراهقين يتحدثان بلغة غريبة عليها لم تفهم منها شيئاً ، قلت لها إن الأمر بسيط فما عليك لا التوجه للمكتبة القريبة من المنزل وشراء كتاب (القاموس الرائع فى الزمن الضائع) الذى قام بكتابته (واحد من شباب اليومين ديل) .
قامت جارتنا (س) بالذهاب إلى المكتبة وشراء القاموس وبعد أن قامت بتصفحه أصابها الهلع لما قرأته من مفردات ومصطلحات يستخدمها شباب اليوم.
فى مساء ذات اليوم سمعت ابنها الأكبر يخاطب شقيقة :
- أيه رأيك نقوم ندقس الجلكين ونديهو (مكنة) نقول ليهو معانا واحد زميلنا أبوهو إتلحس عشان يعمل لينا (زيدان أبراهيم) للضحاكات نقوم نظبط بيها (عشة الفلاتية).
ما أن إستمعت جارتنا (س) إلى ما قاله إبنها مخاطباً شقيقه حتى قامت بتصفح (القاموس) بسرعة فى محاولة لفك الرموز لتجد أن الترجمة هى :
- أيه رأيك نقوم ندقس (نغش) الجلكين (الراجل الكبير يقصد والده) ونديهو مكنة (كضبة) نقول ليهو واحد زميلنا أبوه إتلحس (مات) عشان يعمل لينا زيدان أبرهيم (زياده) للضحاكات (القروش) نقوم نظبط بيها عشه الفلاتية (العشاء).
بعد خروج ابنيها عشان يعملو (عشة الفلاتية) بعد ان مشت (المكنة) فى (الجلكين) جلست جارتنا (س) ممسكة بالقاموس وقد ألت على نفسها أن تقوم بحفظه (صم) حتى تستطيع أن تتعرف على ما يقوله ابنيها من كلمات وعبارات وتراكيب بعد أن أضحت هذه اللغة هى لغة التخاطب بينهما فى كثير من الأحوال.
فى اليوم التالى بينما كانت (س) وابنيها يجلسون يتناولون الشاى بالمنزل بعد عودتهما من الجامعة سأل الأخ الأصغر شقيقه :
- عملتا شنو مع (الحنان) القاعد (تحنك) معاهو اليوم كلو فى الكافتيريا ده؟ تعرف اليوم كلو أقعد (أحنك) ليك فيها لكن هى عاملة ليا (عبدالعظيم حركة) بس أنا مرات بعمل ليها (الفاتح النقر) ومرات كده بعمل ليها (عمر إحساس) وكم مرة كده عملت ليا (شرحبيل أحمد) لكن أنا ح أقوم أعمل ليك (جوزيف لاقو) واقوم أمشى أعمل ليك (محمود الخطيب) للبقاقة دى قالو أبوها (مقندل) وماسك كهرباء شديده.
- طيب أفرض قال ليك إنتا لسه وعمل ليك (الجزيرة أبا) ؟
- ما مشكلة بعمل للموضوع (كمال ترباس) طوالى
- طيب وكان ورطك وقال ليك عمل ليكم (إيهاب توفيق) ؟
- خلاس أقول ليهو نعمل (عقد الجلاد) بعد ما نتخرج
- طيب أفرض قال ليك تعمل (عرس الزين) طوااالى
- ما (بدق ليهو جرس) طوااالى
- وكان أصر على (عرس الزين)؟
- بسيطة بعمل ليهو (الفتيحاب)
معانى المفردات :
- الحنان = الحبيبة
- أحنك = أقنع
- عبدالعظيم حركة = عاملة حركات
- الفاتح النقر = بيفتح ليها كناية على عدم الإهتمام
- عمر إحساس = يعمل فيها حساس
- شرحبيل أحمد = الشرا وعدم الحضور للمواعيد
- جوزيف لاقو = مجازفة
- محمود الخطيب = الخطوبة
- مقندل وماسك كهرباء شديده = مرتاح وعندو قروش كتيره
- الجزيرة أبا = رفض
- كمال ترباس= يقفل على الموضوع
- إيهاب توفيق = الموافقة
- عقد الجلاد = عقد القران
- عرس الزين = الزواج
- دق جرس = للرفض بشدة
- الفتيحاب = يفتح ليهو
وسط دهشة ابنيها ما أن إستمعت (س) لذلك الحوار حتى هبت واقفة بعد أن تحزمت بثوبها وهى تصيح :
هووووى يا أولاد إنتو قايلينى (فاره) وما (ناقشة) حاجة .. إنتو ما عارفينى خلاس بقيت (تفتيحة) وشايلا (مفاتيحا) .. هوووى يا أولاد أقيفوا بعيد (وجرو شخيط) وأوعكم تقيفو فى الظلط وتتكلمو غلط ، أبوها شنو (المقندل) وماسك كهرباء .. نحن ذااااتو هينين ولا لينين نحمد الله الغدا ضأن و التحلية برتكان والعشا حمام و التحلية شمّام و تربية بيت و فرش موكيت ولدونا فى الإمتداد و حبّينا فى البلاط .. قال شنو يمشى يعمل عقد الجلاد .. إنتا لسه بصرفوا عليك يا الما عارف أيدك من كرعيك .. يودوكم للقراية تحنكو (الجكساية) .. (وهى تجر فيهم نور طويل)
- سجم و كمان عدم فهم ؟!!
- (فى صوت واحد) : معقوله؟ الحاجة طلعت تفتيحة !