بسم الله الرحمن الرحيم
البارانويا :
حالة نفسيّة مرضيّة يملك المصاب بها جهازاً عقائدياً معقّداً وتفصيلياً يتمركز حول أوهام لا أرضيّة واقعية لها.
هذه الأوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لإضطهاده من قبلهم هو كونه شخص عظيم ومهمّ للغاية!
الجهاز العقائدي المفعم بالأوهام الذي يبتلي به المصاب بالبارانويا يتشكّل ويتطور ببطء شديد وعلى مرّ زمن طويل. ويصبح مع الأيام منظّماً للغاية إلى درجة يبدو معها منطقيا ومقنعا!
والخطورة التي ينطوي عليها هذا الإضطراب النفسي تكمن في أن المصاب به يبدو طبيعيّا أثناء الحديث وفي تصرفاته وسلوكه إلى درجة لاتثير لدى اللآخرين إيّة رغبة لمواجهة المريض وإحالته إلى الجهات المعنيّة بعلاجه.
تتشكّل لدى المريض قناعة مطلقة بأنّه عظيم وبأنّ الآخرين يسعون لإيذائه والحطّ من عظمته. ويدافع عن قناعته هذه حتى عندما تواجهه بكلّ البراهين التي تثبت عدم صحّة تلك القناعة.
عدم الثقة بالآخرين يدفع المريض لتركيز كلّ حواسه على تصرفات الناس من حوله وتفسير كل حركة لهم بطريقة تخدم قناعاته. يبني من الحبة الصغيرة جبلا كبيرا كأن يدّعي عندما يرى شخصا يلوح يده عن بعد بأنّ هذا الشخص يشير اليه ويتكلم للآخرين عنه، وقد يذهب أبعد من ذلك فيدّعي أنه يخطط لقتله.
هذه الأوهام التي يعيشها المصاب بالبارانويا تجعل منه شخصا شكّاكا عنيدا غاضبا عدوانيّا وناقما على الآخرين.
تؤكّد معظم الدراسات في الطبّ النفسي وعلم النفس على أن العوامل التي تلعب دورا في الإمراضيّة هي عوامل نفسيّة واجتماعية تتعلق بنشأة المريض والطريقة التي تربّى عليها، أكثر مما هي أسباب بيولوجيّة تتعلق بجسده من الناحيّة التشريحيّة والكيمائيّة والوظيفيّة.
الطب النفسي يتناول هذا الإضطراب كحالة فرديّة ولم يسبق أن تناولها كحالة عامة قد تصيب جماعة بشريّة بكاملها. رغم أنّه من المؤكّد في هذا الحقل من حقول الطبّ بأن هناك بعض الإضطرابات النفسيّة التي تكثر في جماعة أو فئة أو مجتمع نظرا لوفرة العوامل المسببة للإضطراب في تلك الجماعة أو الفئة أو المجتمع.
هذا من ناحية، ومن ناحيّة أخرى هناك حالة مثبتة علميّا وهو مايطلق عليها الأوهام المشتركة أي Shared Psychosis.
بمعنى أنّه عندما يعيش شخص ما سليم مع شخص آخر مصاب بأوهام نفسيّة لفترة زمنيّة ما، وبمعزل عن المصادر الأخرى التي تقوم بتزويد معلومات تنفي هذه الأوهام، يقوم الشخص السليم بتبنّي أوهام الشخص المريض ويصبح مريضا مثله. يلجأ الطبيب أو المرشد النفسي المشرف على علاج هذه الحالة إلى عزل الشخص السليم أصلا عن الشخص المريض. بعد فترة قصيرة من العزل يرجع الشخص السليم إلى وضعه السليم ويتخلى عن الأوهام النفسيّة التي تبناها خلال تواجده مع الشخص المريض.
بناء على تلك الحقيقتين الآنفتين الذكر واللتين هما:
أولا: عندما تكثر العوامل المسببة للإضطرابات النفسيّة في جماعة ما نجد ازديادا في حدوث هذا النوع من الإضطرابات لدى تلك الجماعة.
ثانيا: عندما تغيب المصادر المعلوماتيّة الصحيحة والموثوقة عن جماعة ما، تنتشر الأفكار الوهميّة بالعدوى، من الموهوم إلى السليم، بين أبناء تلك الجماعة.
الانطباعات و تأثيرها على الانسان
انطباعات الإنسان عن الآخرين، ورؤيته لهم، تؤثر على علاقته بهم، بحسب الانطباعات المتبادلة؛ فالانطباع الجيد عن شخص يشكل أرضية للإقتراب منه، وإقامة علاقة معه، بينما يؤدي الانطباع السلبي تجاه أي شخص إلى خلق حواجز نفسية تحول دون نشوء الثقة به والإنفتاح عليه، وربما تتطور إلى دافع للخلاف والعداوة.
وتتشكل انطباعات الإنسان عن الآخرين من خلال ما يسمعه أو يلحظه من مواقفهم وتصرفاتهم، بيد أن كل موقف أو ممارسة تصدر من أحد، غالباً ما تحتمل أكثر من تفسير إيجابي وسلبي؛ فحتى الأعمال المصنّفة ضمن قائمة الأعمال الصالحة، يمكن التشكيك في دوافع وبواعث القيام بها، فتكون مصدراً لانطباع سيئ.
ولأن الإنسان ليس له سبيل إلى القطع والجزم بنوايا الآخرين، ولا يعلم على وجه اليقين دوافع وملابسات كل مواقفهم وتصرفاتهم، فإن التفسيرات والإنطباعات التي تنقدح في الذهن عنهم تبقى مجرد ظنون واحتمالات؛ فالتفسير الإيجابي ينتج ظناً حسناً بينما التفسير السلبي يعني ظناً سيئاً، وهكذا تتراوح انطباعات الإنسان عن الآخرين بين حسن الظن وسوءه.
إن حسن الظن يمنح الإنسان رغبة واندفاعاً نحو الآخرين، ويجعله أكثر قدرة على صنع العلاقة معهم، وعلى العكس من ذلك فإن سوء الظن يخلق نفوراً من الآخرين وتحفظاً تجاههم، وقد يكون مدخلاً إلى العداوة والخصام.
أنواع الفصام:
1)الفصام البسيط : وهو من اصعب الأنواع تشخصياً نظراً لغياب الأعراض الشديدة وصعوبة تفرقته عن بعض الأمراض الأخرى او الاضطرابات الشخصية، وهو يبدأ في سن مبكرة، ويزحف تدريجياً حتى ينتهي بتدهور مستمر في الشخصية. يفضل المريض الانعزال ولا يهتم بما يدور حوله ويهمل نفسه (بعدم الاعتناء كالاغتسال او هندامه) الا اذا نصحه الاخرون، سلبي ـ ضعيف الإرادة ـ ملتصق بوالدته تحركه كيفما تشاء، تفتخر دائماً بأدبه وخجله العجيب. وهي لا تعلم بأنها تزيد من مرضه.
2) الفصام العقلي : صعوبة التركيز، صعوبة الدراسة والحفظ، يصاب به المريض في طفولته الاولى مما يسلبه إرادته، ويتدرج المرض الى ان يصل الى الهلاوس السمعية والتخيلات، اضطرابات في السلوك، تصرفات اندفاعية تلقائية غريبة وغير مفهومة، ويتحول احياناً الى الوسواس القهري، ويشعر المريض بأن الناس قد تغيروا ويبدأ التقوقع في احلامه.
3) الفصام الكتاتوني : يصاب به المريض في سن متأخرة عن الفصام البسيط والعقلي 20-40 سنة، وعادة ما يتحسن بالعلاج ، وأعراضه نفس الأعراض السابقة.
4) الفصام الخيلائي : فصام الشيخوخة له ثلاثة فروع هي: بالبارانويا والبارافرنيا والبارانودي.
البارانويا: شخصيته قوة مسيطرة ـ سائدة ـ طاغية أنانية ـ لا يحترم عواطف الاخرين حتى وان تظاهر بعكس ذلك ـ يمتلك قدرة فائقة على الاقناع ـ دائم الشك ـ يسخر من كافة الاراء التي تخالفه ـ معتقد انه هو الاسلم والاصح. البارافرنيا : اكثر انتشاراً بين النساء، هلاوس مع ترابط وتماسك الشخصية، تبدأ السيدة العجوز في الشكوى من الجيران الذين يخيل اليها انهم يحاولون الاعتداء عليها، وتسمعهم يتأمرون عليها، تهتم بملابسها وطعامها، اجتماعية، وقد تتخيل انها نبي مرسل لهداية البشرية.
البارانودي: يبدأ في سن مبكرة عن البارانويا والبارافرنيا ـ هلاوس تدهور في الشخصية ـ يبدء بالبارانويا ثم البارافرنيا وينتهي بالفصام البارانودي، يتعمد المريض الى اخفاء تاريخ حياته السابقة وحياته العامة، وحبه للعظمة والكبرياء.
5) الفصام الحاد: اقل خطورة مما ذكرت ـ اعراض فصامية حادة فجائية ـ تشوش في الوعي ـ اختلاط التفكير ـ حالم دائماً ـ تنتهي هذه الحالة بعد اسابيع او شهور دون تدهور، وقد تتحول الى احد الانواع السابقة تدريجياً.
6) الفصام الكامن: الميول الى السلوك الشاذ الغريب الغامض مع تمسكه بالسلوك السوى.
7) الفصام المختلف: انواع اخرى مختلفة كالذهان الدوري ويقسم الى: القلق والنشوة، نوبات شديدة من القلق أو من المرح مصحوبة بهلاوس ناتجة من اضطراب في المزاج.
الفصام الوجداني: اختلاط واضطراب في التفكير،
اسباب الاصابة بالمرض:
1) الوراثة 60% من العائلات التي أصيبت بهذا المرض العقلي قد تعرضوا لأمراض عقلية أخرى.
2) اضطرابات في عمل مجموعة الغدد الصماء. مما يسبب تغيرات كيماوية في الجسم تودي لحدوث المرض.
3) فشل الفرد في محاولته التكيف للبيئة المحيطة به. فيلجئ اليه المريض لانعزال عن عالم الحقيقة، مما يجعل تصرفات المريض وردود أفعاله لا تلائم الاخرين.
العلاج :
بما ان المرض مزمن وشديد الخطورة فغالباً ما تطول فترة العلاج، وعلى المعالج كسب ثقة المريض، والتقرب منه وإقناعه بفاعلية العلاج وضرورته ويتم ذلك بعدت طرق تدريجية نعلمها كأطباء معالجين. مع الدعم الدائم لتقوية الارادة والعزيمة، وذلك مصحوباً بالعلاج الدوائي كعقاقير الأمراض العصبية التي تؤثر على جهاز تنشيط مادة الدوبامين التى تقلل من الأعراض النفسية وازدواج الشخصية وبما أنها تعمل خصيصاً على مادة الدوبامين ومنها عقار الكلوزابين الذي يقلل عدد كرات الدم البيضاء وبذلك يقلل من مناعة الجسم فلذلك يجب متابعة الغدد أسبوعياً, يفضل متابعة جميع المرضى عن قرب.
كثيراً ما يمتنع المريض عن تناول الدواء ويعلل ذلك بشعوره بالتحسن، ولكن يجب أن يعلم أن الأعراض ستعاوده مرة أخرى إذا توقف عن تناول العقار إما فى الحال أو بعدها بعدة شهور. وتكون فترة العلاج الاولى هي أحرج فترات العلاج لذا يفضل ادخل المريض المستشفى لمراقبته عن قرب، ومنع أي محاولة انتحار. قد نلجأ احياناً للجراحة في المخ بعد التأكد من استحالة شفاء المريض بالطرق والوسائل المعروفة كالعلاج بالكهرباء والعقاقير او التنويم الإيحائي.
اليهود و البارانويا
اعتبر فرويد أن اليهود لديهم مرض البارانويا، وأن هذه البارانويا اليهودية بدأت منذ اعتقادهم أنهم شعب الله المختار؛ ولذلك لم يكونوا بحاجة إلى النازي لكي يتحولوا إلى مرضى بالبارانويا (جنون العظمة). ولهذا فإن الأسر النازي لم يفعل سوى إيقاظ البارانويا اليهودية الكامنة والمكبوتة في ذل الشتات اليهودي والمقنعة بمظاهر الذل والخنوع لديهم.
ولا غرابة في ذلك؛ حيث إن احتقار الغير (الشعوب غير اليهودية) هو من التعاليم التلمودية الأساسية غير القابلة للنكران لدى اليهود.
وقد شكل هذا الجانب المرضي لديهم عبر التاريخ عاملين أساسيين هما:
1-الدين والإيمان اليهودي: يمثل عنصر الارتباط الوحيد بين اليهود المعاصرين. وذلك بغض النظر عما إذا كان هذا الإيمان يقتصر على التبرع لـ ”إسرائيل” (بوصفها تجمع شعب الله المختار) أم كان يصل إلى حدود التمسك المتشدد بتعاليم التلمود.
2- التنشئة الأسرية: الطفل اليهودي منذ اللحظة الأولى من حياته يعيش أجواء أسرية مليئة بالأساطير والبطولات والتراث المتعالي على الآخر. لكنه وعندما يخرج من هذه الأجواء السامية يجد نفسه محتقرا على عكس إيحاءات التفوق التي أمده بها الجيتو.
وهذا التناقض يولد نوعا من التمرد النرجسي الذي يدفع لاحقا باليهودي إلى خوض المنافسات العنيفة إثباتا لذاته وانتصارا لإيحاءات تربيته، ولو كانت هذه على حساب الغير. وهذه المنافسة في ضوء التحليل النفسي تبين أن الطفل اليهودي الذليل في المجتمع يحاول الدفاع عن هوية (الأنا) لديه. وهو لا يجد، ولا يقبل وفق تربيته، دفاعا محايدا عن هذه الهوية. لذلك فهو ينخرط في هجوم عدواني مقنع (مستتر) على المجتمع الذي يحتقره أو على كل ما هو آخر يعاديه.
واستنادا إلى التراث اليهودي (الذي ربي الطفل على أساسه) فإن أقصر السبل وأهونها لتحقيق المنافسة والتفوق هو جمع قدر أكبر من المال. إذ إن للمال سلطة موازية تمكن صاحبه من اختراق سلطة المجتمع. وذلك برز قبل قيام دولتهم، ولكن بعد قيام هذه الدولة أضيف إلى قوة المال القوة والتفوق العسكري، وهي وسائل للمساعدة للحصول على الاعتراف وبالتالي التمرد على الاحتقار. وسواء تعلق الأمر بالمال أو ببدائله الرمزية فإن اليهود يسلكون هذا السلوك للتعويض عن ما لحق بهم من احتقار ودعماً للبارانويا لديهم.
وهنا يتبين أن السمة السائدة لدى معظم اليهود عبر التاريخ هي مرض البارانويا (جنون العظمة) حسب آراء كثير من علماء النفس المشهورين، مثل (فرويد، ويونج، وزيور) هو الإصابة بمرض البارانويا (جنون العظمة) المستمد من اعتقادهم بأنهم (شعب الله المختار)، وهم أفضل الشعوب على الإطلاق.
ولذلك تصرفوا وكأنهم الأفضل والأحسن، وعاملوا جميع الشعوب من هذا المنطق، وهو ما أثار الحنق عليهم، ومن ثم ممارسة الاضطهاد لهم. والنازي أيقظ البارانويا في الشخصية اليهودية الكامنة فقط (والتي كتبت من خلال الشتات اليهودي) التي تم تصنيعها بمظاهر الخضوع والخنوع للمعتدي.
وعملية (الذل والخنوع والخضوع، التي توجد الانبهار ثم التقليد ثم التقمص، ثم التوحد)، بدل التمرد والثورة، ساهمت في عملية التوحد بالمعتدي. حيث يتم كبت مشاعر الرد على العدوانية التي توجه ضده، وتخزينها في اللاوعي واللاشعور لتتفجر حمماً بعد التمكين والغلبة لهذا الضعيف الذليل.
أما المقاوم حتى لو هزم، في معركة، فلا يتوحد بالمعتدي، ولا يتقمص سلوكه فيما بعد حتى لو انتصر عليه، بل يحاول دائما تجنب سلوكه، والقيام بسلوك مخالف، فلا يمارس على الآخرين السلوك الذي مورس ضده؛لأنه قد أفرغ شحنة الغضب والحقد والكراهية والعدوانية إبان الصراع مع المعتدي عليه.
وقد ولد جنون العظمة لدى اليهود سمات فرعية منها:
- التمركز حول الذات/ تضخيم الذات.
- الشك في الآخرين/ واحتقار الآخر
البارانويا :
حالة نفسيّة مرضيّة يملك المصاب بها جهازاً عقائدياً معقّداً وتفصيلياً يتمركز حول أوهام لا أرضيّة واقعية لها.
هذه الأوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لإضطهاده من قبلهم هو كونه شخص عظيم ومهمّ للغاية!
الجهاز العقائدي المفعم بالأوهام الذي يبتلي به المصاب بالبارانويا يتشكّل ويتطور ببطء شديد وعلى مرّ زمن طويل. ويصبح مع الأيام منظّماً للغاية إلى درجة يبدو معها منطقيا ومقنعا!
والخطورة التي ينطوي عليها هذا الإضطراب النفسي تكمن في أن المصاب به يبدو طبيعيّا أثناء الحديث وفي تصرفاته وسلوكه إلى درجة لاتثير لدى اللآخرين إيّة رغبة لمواجهة المريض وإحالته إلى الجهات المعنيّة بعلاجه.
تتشكّل لدى المريض قناعة مطلقة بأنّه عظيم وبأنّ الآخرين يسعون لإيذائه والحطّ من عظمته. ويدافع عن قناعته هذه حتى عندما تواجهه بكلّ البراهين التي تثبت عدم صحّة تلك القناعة.
عدم الثقة بالآخرين يدفع المريض لتركيز كلّ حواسه على تصرفات الناس من حوله وتفسير كل حركة لهم بطريقة تخدم قناعاته. يبني من الحبة الصغيرة جبلا كبيرا كأن يدّعي عندما يرى شخصا يلوح يده عن بعد بأنّ هذا الشخص يشير اليه ويتكلم للآخرين عنه، وقد يذهب أبعد من ذلك فيدّعي أنه يخطط لقتله.
هذه الأوهام التي يعيشها المصاب بالبارانويا تجعل منه شخصا شكّاكا عنيدا غاضبا عدوانيّا وناقما على الآخرين.
تؤكّد معظم الدراسات في الطبّ النفسي وعلم النفس على أن العوامل التي تلعب دورا في الإمراضيّة هي عوامل نفسيّة واجتماعية تتعلق بنشأة المريض والطريقة التي تربّى عليها، أكثر مما هي أسباب بيولوجيّة تتعلق بجسده من الناحيّة التشريحيّة والكيمائيّة والوظيفيّة.
الطب النفسي يتناول هذا الإضطراب كحالة فرديّة ولم يسبق أن تناولها كحالة عامة قد تصيب جماعة بشريّة بكاملها. رغم أنّه من المؤكّد في هذا الحقل من حقول الطبّ بأن هناك بعض الإضطرابات النفسيّة التي تكثر في جماعة أو فئة أو مجتمع نظرا لوفرة العوامل المسببة للإضطراب في تلك الجماعة أو الفئة أو المجتمع.
هذا من ناحية، ومن ناحيّة أخرى هناك حالة مثبتة علميّا وهو مايطلق عليها الأوهام المشتركة أي Shared Psychosis.
بمعنى أنّه عندما يعيش شخص ما سليم مع شخص آخر مصاب بأوهام نفسيّة لفترة زمنيّة ما، وبمعزل عن المصادر الأخرى التي تقوم بتزويد معلومات تنفي هذه الأوهام، يقوم الشخص السليم بتبنّي أوهام الشخص المريض ويصبح مريضا مثله. يلجأ الطبيب أو المرشد النفسي المشرف على علاج هذه الحالة إلى عزل الشخص السليم أصلا عن الشخص المريض. بعد فترة قصيرة من العزل يرجع الشخص السليم إلى وضعه السليم ويتخلى عن الأوهام النفسيّة التي تبناها خلال تواجده مع الشخص المريض.
بناء على تلك الحقيقتين الآنفتين الذكر واللتين هما:
أولا: عندما تكثر العوامل المسببة للإضطرابات النفسيّة في جماعة ما نجد ازديادا في حدوث هذا النوع من الإضطرابات لدى تلك الجماعة.
ثانيا: عندما تغيب المصادر المعلوماتيّة الصحيحة والموثوقة عن جماعة ما، تنتشر الأفكار الوهميّة بالعدوى، من الموهوم إلى السليم، بين أبناء تلك الجماعة.
الانطباعات و تأثيرها على الانسان
انطباعات الإنسان عن الآخرين، ورؤيته لهم، تؤثر على علاقته بهم، بحسب الانطباعات المتبادلة؛ فالانطباع الجيد عن شخص يشكل أرضية للإقتراب منه، وإقامة علاقة معه، بينما يؤدي الانطباع السلبي تجاه أي شخص إلى خلق حواجز نفسية تحول دون نشوء الثقة به والإنفتاح عليه، وربما تتطور إلى دافع للخلاف والعداوة.
وتتشكل انطباعات الإنسان عن الآخرين من خلال ما يسمعه أو يلحظه من مواقفهم وتصرفاتهم، بيد أن كل موقف أو ممارسة تصدر من أحد، غالباً ما تحتمل أكثر من تفسير إيجابي وسلبي؛ فحتى الأعمال المصنّفة ضمن قائمة الأعمال الصالحة، يمكن التشكيك في دوافع وبواعث القيام بها، فتكون مصدراً لانطباع سيئ.
ولأن الإنسان ليس له سبيل إلى القطع والجزم بنوايا الآخرين، ولا يعلم على وجه اليقين دوافع وملابسات كل مواقفهم وتصرفاتهم، فإن التفسيرات والإنطباعات التي تنقدح في الذهن عنهم تبقى مجرد ظنون واحتمالات؛ فالتفسير الإيجابي ينتج ظناً حسناً بينما التفسير السلبي يعني ظناً سيئاً، وهكذا تتراوح انطباعات الإنسان عن الآخرين بين حسن الظن وسوءه.
إن حسن الظن يمنح الإنسان رغبة واندفاعاً نحو الآخرين، ويجعله أكثر قدرة على صنع العلاقة معهم، وعلى العكس من ذلك فإن سوء الظن يخلق نفوراً من الآخرين وتحفظاً تجاههم، وقد يكون مدخلاً إلى العداوة والخصام.
أنواع الفصام:
1)الفصام البسيط : وهو من اصعب الأنواع تشخصياً نظراً لغياب الأعراض الشديدة وصعوبة تفرقته عن بعض الأمراض الأخرى او الاضطرابات الشخصية، وهو يبدأ في سن مبكرة، ويزحف تدريجياً حتى ينتهي بتدهور مستمر في الشخصية. يفضل المريض الانعزال ولا يهتم بما يدور حوله ويهمل نفسه (بعدم الاعتناء كالاغتسال او هندامه) الا اذا نصحه الاخرون، سلبي ـ ضعيف الإرادة ـ ملتصق بوالدته تحركه كيفما تشاء، تفتخر دائماً بأدبه وخجله العجيب. وهي لا تعلم بأنها تزيد من مرضه.
2) الفصام العقلي : صعوبة التركيز، صعوبة الدراسة والحفظ، يصاب به المريض في طفولته الاولى مما يسلبه إرادته، ويتدرج المرض الى ان يصل الى الهلاوس السمعية والتخيلات، اضطرابات في السلوك، تصرفات اندفاعية تلقائية غريبة وغير مفهومة، ويتحول احياناً الى الوسواس القهري، ويشعر المريض بأن الناس قد تغيروا ويبدأ التقوقع في احلامه.
3) الفصام الكتاتوني : يصاب به المريض في سن متأخرة عن الفصام البسيط والعقلي 20-40 سنة، وعادة ما يتحسن بالعلاج ، وأعراضه نفس الأعراض السابقة.
4) الفصام الخيلائي : فصام الشيخوخة له ثلاثة فروع هي: بالبارانويا والبارافرنيا والبارانودي.
البارانويا: شخصيته قوة مسيطرة ـ سائدة ـ طاغية أنانية ـ لا يحترم عواطف الاخرين حتى وان تظاهر بعكس ذلك ـ يمتلك قدرة فائقة على الاقناع ـ دائم الشك ـ يسخر من كافة الاراء التي تخالفه ـ معتقد انه هو الاسلم والاصح. البارافرنيا : اكثر انتشاراً بين النساء، هلاوس مع ترابط وتماسك الشخصية، تبدأ السيدة العجوز في الشكوى من الجيران الذين يخيل اليها انهم يحاولون الاعتداء عليها، وتسمعهم يتأمرون عليها، تهتم بملابسها وطعامها، اجتماعية، وقد تتخيل انها نبي مرسل لهداية البشرية.
البارانودي: يبدأ في سن مبكرة عن البارانويا والبارافرنيا ـ هلاوس تدهور في الشخصية ـ يبدء بالبارانويا ثم البارافرنيا وينتهي بالفصام البارانودي، يتعمد المريض الى اخفاء تاريخ حياته السابقة وحياته العامة، وحبه للعظمة والكبرياء.
5) الفصام الحاد: اقل خطورة مما ذكرت ـ اعراض فصامية حادة فجائية ـ تشوش في الوعي ـ اختلاط التفكير ـ حالم دائماً ـ تنتهي هذه الحالة بعد اسابيع او شهور دون تدهور، وقد تتحول الى احد الانواع السابقة تدريجياً.
6) الفصام الكامن: الميول الى السلوك الشاذ الغريب الغامض مع تمسكه بالسلوك السوى.
7) الفصام المختلف: انواع اخرى مختلفة كالذهان الدوري ويقسم الى: القلق والنشوة، نوبات شديدة من القلق أو من المرح مصحوبة بهلاوس ناتجة من اضطراب في المزاج.
الفصام الوجداني: اختلاط واضطراب في التفكير،
اسباب الاصابة بالمرض:
1) الوراثة 60% من العائلات التي أصيبت بهذا المرض العقلي قد تعرضوا لأمراض عقلية أخرى.
2) اضطرابات في عمل مجموعة الغدد الصماء. مما يسبب تغيرات كيماوية في الجسم تودي لحدوث المرض.
3) فشل الفرد في محاولته التكيف للبيئة المحيطة به. فيلجئ اليه المريض لانعزال عن عالم الحقيقة، مما يجعل تصرفات المريض وردود أفعاله لا تلائم الاخرين.
العلاج :
بما ان المرض مزمن وشديد الخطورة فغالباً ما تطول فترة العلاج، وعلى المعالج كسب ثقة المريض، والتقرب منه وإقناعه بفاعلية العلاج وضرورته ويتم ذلك بعدت طرق تدريجية نعلمها كأطباء معالجين. مع الدعم الدائم لتقوية الارادة والعزيمة، وذلك مصحوباً بالعلاج الدوائي كعقاقير الأمراض العصبية التي تؤثر على جهاز تنشيط مادة الدوبامين التى تقلل من الأعراض النفسية وازدواج الشخصية وبما أنها تعمل خصيصاً على مادة الدوبامين ومنها عقار الكلوزابين الذي يقلل عدد كرات الدم البيضاء وبذلك يقلل من مناعة الجسم فلذلك يجب متابعة الغدد أسبوعياً, يفضل متابعة جميع المرضى عن قرب.
كثيراً ما يمتنع المريض عن تناول الدواء ويعلل ذلك بشعوره بالتحسن، ولكن يجب أن يعلم أن الأعراض ستعاوده مرة أخرى إذا توقف عن تناول العقار إما فى الحال أو بعدها بعدة شهور. وتكون فترة العلاج الاولى هي أحرج فترات العلاج لذا يفضل ادخل المريض المستشفى لمراقبته عن قرب، ومنع أي محاولة انتحار. قد نلجأ احياناً للجراحة في المخ بعد التأكد من استحالة شفاء المريض بالطرق والوسائل المعروفة كالعلاج بالكهرباء والعقاقير او التنويم الإيحائي.
اليهود و البارانويا
اعتبر فرويد أن اليهود لديهم مرض البارانويا، وأن هذه البارانويا اليهودية بدأت منذ اعتقادهم أنهم شعب الله المختار؛ ولذلك لم يكونوا بحاجة إلى النازي لكي يتحولوا إلى مرضى بالبارانويا (جنون العظمة). ولهذا فإن الأسر النازي لم يفعل سوى إيقاظ البارانويا اليهودية الكامنة والمكبوتة في ذل الشتات اليهودي والمقنعة بمظاهر الذل والخنوع لديهم.
ولا غرابة في ذلك؛ حيث إن احتقار الغير (الشعوب غير اليهودية) هو من التعاليم التلمودية الأساسية غير القابلة للنكران لدى اليهود.
وقد شكل هذا الجانب المرضي لديهم عبر التاريخ عاملين أساسيين هما:
1-الدين والإيمان اليهودي: يمثل عنصر الارتباط الوحيد بين اليهود المعاصرين. وذلك بغض النظر عما إذا كان هذا الإيمان يقتصر على التبرع لـ ”إسرائيل” (بوصفها تجمع شعب الله المختار) أم كان يصل إلى حدود التمسك المتشدد بتعاليم التلمود.
2- التنشئة الأسرية: الطفل اليهودي منذ اللحظة الأولى من حياته يعيش أجواء أسرية مليئة بالأساطير والبطولات والتراث المتعالي على الآخر. لكنه وعندما يخرج من هذه الأجواء السامية يجد نفسه محتقرا على عكس إيحاءات التفوق التي أمده بها الجيتو.
وهذا التناقض يولد نوعا من التمرد النرجسي الذي يدفع لاحقا باليهودي إلى خوض المنافسات العنيفة إثباتا لذاته وانتصارا لإيحاءات تربيته، ولو كانت هذه على حساب الغير. وهذه المنافسة في ضوء التحليل النفسي تبين أن الطفل اليهودي الذليل في المجتمع يحاول الدفاع عن هوية (الأنا) لديه. وهو لا يجد، ولا يقبل وفق تربيته، دفاعا محايدا عن هذه الهوية. لذلك فهو ينخرط في هجوم عدواني مقنع (مستتر) على المجتمع الذي يحتقره أو على كل ما هو آخر يعاديه.
واستنادا إلى التراث اليهودي (الذي ربي الطفل على أساسه) فإن أقصر السبل وأهونها لتحقيق المنافسة والتفوق هو جمع قدر أكبر من المال. إذ إن للمال سلطة موازية تمكن صاحبه من اختراق سلطة المجتمع. وذلك برز قبل قيام دولتهم، ولكن بعد قيام هذه الدولة أضيف إلى قوة المال القوة والتفوق العسكري، وهي وسائل للمساعدة للحصول على الاعتراف وبالتالي التمرد على الاحتقار. وسواء تعلق الأمر بالمال أو ببدائله الرمزية فإن اليهود يسلكون هذا السلوك للتعويض عن ما لحق بهم من احتقار ودعماً للبارانويا لديهم.
وهنا يتبين أن السمة السائدة لدى معظم اليهود عبر التاريخ هي مرض البارانويا (جنون العظمة) حسب آراء كثير من علماء النفس المشهورين، مثل (فرويد، ويونج، وزيور) هو الإصابة بمرض البارانويا (جنون العظمة) المستمد من اعتقادهم بأنهم (شعب الله المختار)، وهم أفضل الشعوب على الإطلاق.
ولذلك تصرفوا وكأنهم الأفضل والأحسن، وعاملوا جميع الشعوب من هذا المنطق، وهو ما أثار الحنق عليهم، ومن ثم ممارسة الاضطهاد لهم. والنازي أيقظ البارانويا في الشخصية اليهودية الكامنة فقط (والتي كتبت من خلال الشتات اليهودي) التي تم تصنيعها بمظاهر الخضوع والخنوع للمعتدي.
وعملية (الذل والخنوع والخضوع، التي توجد الانبهار ثم التقليد ثم التقمص، ثم التوحد)، بدل التمرد والثورة، ساهمت في عملية التوحد بالمعتدي. حيث يتم كبت مشاعر الرد على العدوانية التي توجه ضده، وتخزينها في اللاوعي واللاشعور لتتفجر حمماً بعد التمكين والغلبة لهذا الضعيف الذليل.
أما المقاوم حتى لو هزم، في معركة، فلا يتوحد بالمعتدي، ولا يتقمص سلوكه فيما بعد حتى لو انتصر عليه، بل يحاول دائما تجنب سلوكه، والقيام بسلوك مخالف، فلا يمارس على الآخرين السلوك الذي مورس ضده؛لأنه قد أفرغ شحنة الغضب والحقد والكراهية والعدوانية إبان الصراع مع المعتدي عليه.
وقد ولد جنون العظمة لدى اليهود سمات فرعية منها:
- التمركز حول الذات/ تضخيم الذات.
- الشك في الآخرين/ واحتقار الآخر