خير الناس أنفعهم للناس
الأحوه الكرام بين ايدكم قصه واقعيه ارجو شاكرا الأطلأع عليها والحكم على مضمونهاونعتبر منها.
بقلم: محسن العبيدي الصفار
عندما دخل سعيد الذي تخرج حديثا من الجامعة إلى الشركة الكبيرة التي يطمح بالحصول على وظيفة فيها كان دقات قلبه تتسارع، فهذه الشركة تعد من أكبر شركات البلد وصاحبها من أغنى الأغنياء والكل يتهافت للحصول على عمل فيها وبينهم أبناء الكبار وأصحاب الواسطة, فكيف له أن ينافس كل هؤلاء وهو الشاب البسيط وابن الموظف البسيط الذي توفى ولم يترك له من مال الدنيا شيئا, ولكنه تذكر وصية المرحوم والده الذي أوصاه بالتوكل على الله في كل أمر وأن يرضى بقضاء الله عز وجل مهما كان وألا يحزن على أي شيء لم يحصل عليه، فلربما كان الخير في ذلك دون أن يدري.
دخل سعيد على مدير شؤون الموظفين، وقدم أوراقه وطلب منه الرجل أن ينتظر اتصالاً كي يتم إعلامه بالنتيجة. خرج سعيد وهو شبه متيقن من أن النتيجة ستكون سلبية، هذا إذا اتصل به أحد أصلا ولم يرموا طلبه في أقرب سلة للمهملات.
مضت عدة أيام وفجأة جاء الاتصال الموعود، وطلب منه المتحدث أن يأتي إلى الشركة في مساء نفس اليوم لإجراء المقابلة. فرح سعيد ولبس أحسن ما وجده من ثيابه المتواضعة وذهب حسب الموعد وابلغ موظف الاستعلامات باسمه، فقال له هذا الأخير وهو ينهض احتراما:
- أهلا وسهلا يا سيد سعيد, شرفتنا يا سيد سعيد, تفضل أوصلك إلى غرفة رئيس مجلس الإدارة.
ضحك سعيد وقال للرجل :
- يا صديقي يبدو أنك قد خلطت بيني وبين شخص أخر, أنا مجرد شخص بسيط طالب وظيفة !!
سأله الرجل:
- ألست الأستاذ سعيد وحيد فريد ؟ وعندك موعد الساعة الخامسة ؟
أجاب سعيد :
- نعم أنا هو.
أجاب الرجل مبتسما:
- إذاً أنا لست مخطئاً يا سيدي وموعدك مع السيد رئيس مجلس الإدارة الذي أوصانا باستقبالك بحفاوة تليق بمقامك.
ذهب سعيد مع الموظف وهو مشدوه فدخل إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة الفخم وما أن عرّف موظف الاستعلامات بنفسه حتى نهض جميع من في المكتب احتراما له, لم يصدق سعيد ما يرى ولم يفهم ما الذي يحدث وكان متيقنا أن هناك لبسا قد حدث وسرعان ما سيدرك الجميع هذا اللبس وسيطرد شر طردة، فلو كان ابن وزير لما استقبل بهذه الحفاوة.
انتظر سعيد عدة دقائق ثم طلبت منه السكرتيرة الدخول فدخل إلى المكتب الفخم ورأى رئيس مجلس الإدارة جالسا وما أن رآه الأخير حتى نهض عن كرسيه, وجاء إلى سعيد وأخذه بالأحضان وهو يقول:
- أهلا بك, أهلا بالعزيز الغالي, أهلا بالحبيب.
تلعثم سعيد وقال :
- أشكرك يا سيدي على هذه الحفاوة ولكن اغلب الظن أنك تحسبني شخصا آخر، فانا لم أتشرف بلقائك من قبل ولم أرك سوى في الجرائد والمجلات. ابتسم الرجل وذهب إلى درج مكتبه وأخرج صورة قديمة صغيرة وأراها لسعيد الذي بهت لرؤيتها كأنما قد ضربته صاعقة، فقال وهو يكاد يصرخ:
- هذه صورة المرحوم أبي من أين لك بها ؟؟ هل كنت تعرفه؟
قال الرجل :
- المرحوم ؟ هل مات هذا الرجل الطيب؟ رحمه الله وغفر له وجعل مثواه الجنة .
قال سعيد:
- ولكني لا افهم فمن أين لأحد كبار أثرياء البلد أن يعرف أبي وهو رجل متواضع جدا عاش مستوراً حتى آخر يوم في حياته؟
قال الرجل :
- دعني أخبرك بالحكاية منذ البداية, فمنذ سنوات عديدة كنت ما زلت شابا في مقتبل العمر، ولكني كنت مثلك دون واسطة ودون نقود, وفي أحد الأيام كنت أريد أن أتقدم بطلب وظيفة مثلما تفعل أنت الآن ولكن المشكلة أني لم أكن أمتلك أي نقود كي اذهب بها إلى المدينة التي تعرض الوظيفة، فجلست حائرا مهموماً في محطة الحافلات ولا أدري من أين أحصل على ثمن التذكرة, وكان يجلس إلي جانبي شاب آخر، سألني عن سبب حزني فأخبرته بما يحدث معي, فمد يده في جيبه وأخرج محفظته وأخرج منها كل ما فيها من نقود وأعطاني إياها.. استغربت وأخبرته أني لا أستطيع قبولها ولكن بعد إصراره الشديد أخذتها وسألته كيف أردها له؟ فأخبرني أنه لا يريدها ولكن إذا منّ الله عليّ فيجب أن أجعلها صدقة جارية بأن أساعد كل يوم شخصا محتاجاً دون أن أعرف من هو, فقلت له أخبرني اسمك على الأقل، فقال لي إن اسمه وحيد فريد ويلقبه أصدقاؤه بأبي سعيد. وعندما تركته وذهبت وجدت أنه قد نسي صورة له بين النقود، فاحتفظت بها ذكرى عن هذا الرجل الكريم, و مضيت إلى المدينة وتوظفت وترقيت وأسست شركتي الخاصة، وازدهرت أعمالي وبحثت عن والدك في كل مكان فلم أجده، وأقسمت أن أحفظ أمانته ما حييت، ومن يومها وأنا أساعد كل يوم شخصاً لا أعرفه، فتارة أجلس في محطات الحافلات وتارة في المساجد وتارة في المستشفيات، ويشهد الله أنه لم يمضِ يومٌ واحدٌ إلا وقد ساعدت محتاجاً وكلما شكرني قلت له عليك أن تشكر أبا سعيد فلولاه لما كنت قادرا على مساعدتك! .. اعلم يا بني أن المرحوم أباك شريكٌ لي في كل خير فعلته وفي كل صدقة أعطيتها.
دمعت عينا سعيد وقال :
- رحم الله والدي فقد كان دوماً يحضني على مساعدة الآخرين ويقول لي يا ولدي ساعد خلق الله فيجزيك خالقهم عنك خير جزاء في حياتك أو مماتك أو في أولادك من بعدك، ولا تستخف بأي عمل خير مهما صغر، فقد يغير حياة إنسان دون أن تدري.
نهض الثري وعينه تدمع هو الآخر وقال:
- والله إنني لم أفحص طلب توظيف لأي أحد بنفسي منذ عشرين سنة، وعندي أشخاصٌ يقومون بذلك، إلا أن هاتفاً دفعني أن أطلب من مدير مكتبي كل ملفات التوظيف الجديدة وأنا نفسي لا ادري لماذا, وأخذت أتفحصها واحداً واحداً وما أن وقعت عيناي على صورتك حتى عرفتك على الفور، فأنت صورة طبق الأصل عن المرحوم والدك، والحمد لله أنني سأستطيع أن أرد جميله وفضله, واعلم أنك قد تعينت عندي وفي مكتبي الخاص، وسأحرص على أن أجعل منك إنساناً ناجحاً يفخر بك المرحوم والدك.
حسين عدلأن
الأحوه الكرام بين ايدكم قصه واقعيه ارجو شاكرا الأطلأع عليها والحكم على مضمونهاونعتبر منها.
بقلم: محسن العبيدي الصفار
عندما دخل سعيد الذي تخرج حديثا من الجامعة إلى الشركة الكبيرة التي يطمح بالحصول على وظيفة فيها كان دقات قلبه تتسارع، فهذه الشركة تعد من أكبر شركات البلد وصاحبها من أغنى الأغنياء والكل يتهافت للحصول على عمل فيها وبينهم أبناء الكبار وأصحاب الواسطة, فكيف له أن ينافس كل هؤلاء وهو الشاب البسيط وابن الموظف البسيط الذي توفى ولم يترك له من مال الدنيا شيئا, ولكنه تذكر وصية المرحوم والده الذي أوصاه بالتوكل على الله في كل أمر وأن يرضى بقضاء الله عز وجل مهما كان وألا يحزن على أي شيء لم يحصل عليه، فلربما كان الخير في ذلك دون أن يدري.
دخل سعيد على مدير شؤون الموظفين، وقدم أوراقه وطلب منه الرجل أن ينتظر اتصالاً كي يتم إعلامه بالنتيجة. خرج سعيد وهو شبه متيقن من أن النتيجة ستكون سلبية، هذا إذا اتصل به أحد أصلا ولم يرموا طلبه في أقرب سلة للمهملات.
مضت عدة أيام وفجأة جاء الاتصال الموعود، وطلب منه المتحدث أن يأتي إلى الشركة في مساء نفس اليوم لإجراء المقابلة. فرح سعيد ولبس أحسن ما وجده من ثيابه المتواضعة وذهب حسب الموعد وابلغ موظف الاستعلامات باسمه، فقال له هذا الأخير وهو ينهض احتراما:
- أهلا وسهلا يا سيد سعيد, شرفتنا يا سيد سعيد, تفضل أوصلك إلى غرفة رئيس مجلس الإدارة.
ضحك سعيد وقال للرجل :
- يا صديقي يبدو أنك قد خلطت بيني وبين شخص أخر, أنا مجرد شخص بسيط طالب وظيفة !!
سأله الرجل:
- ألست الأستاذ سعيد وحيد فريد ؟ وعندك موعد الساعة الخامسة ؟
أجاب سعيد :
- نعم أنا هو.
أجاب الرجل مبتسما:
- إذاً أنا لست مخطئاً يا سيدي وموعدك مع السيد رئيس مجلس الإدارة الذي أوصانا باستقبالك بحفاوة تليق بمقامك.
ذهب سعيد مع الموظف وهو مشدوه فدخل إلى مكتب رئيس مجلس الإدارة الفخم وما أن عرّف موظف الاستعلامات بنفسه حتى نهض جميع من في المكتب احتراما له, لم يصدق سعيد ما يرى ولم يفهم ما الذي يحدث وكان متيقنا أن هناك لبسا قد حدث وسرعان ما سيدرك الجميع هذا اللبس وسيطرد شر طردة، فلو كان ابن وزير لما استقبل بهذه الحفاوة.
انتظر سعيد عدة دقائق ثم طلبت منه السكرتيرة الدخول فدخل إلى المكتب الفخم ورأى رئيس مجلس الإدارة جالسا وما أن رآه الأخير حتى نهض عن كرسيه, وجاء إلى سعيد وأخذه بالأحضان وهو يقول:
- أهلا بك, أهلا بالعزيز الغالي, أهلا بالحبيب.
تلعثم سعيد وقال :
- أشكرك يا سيدي على هذه الحفاوة ولكن اغلب الظن أنك تحسبني شخصا آخر، فانا لم أتشرف بلقائك من قبل ولم أرك سوى في الجرائد والمجلات. ابتسم الرجل وذهب إلى درج مكتبه وأخرج صورة قديمة صغيرة وأراها لسعيد الذي بهت لرؤيتها كأنما قد ضربته صاعقة، فقال وهو يكاد يصرخ:
- هذه صورة المرحوم أبي من أين لك بها ؟؟ هل كنت تعرفه؟
قال الرجل :
- المرحوم ؟ هل مات هذا الرجل الطيب؟ رحمه الله وغفر له وجعل مثواه الجنة .
قال سعيد:
- ولكني لا افهم فمن أين لأحد كبار أثرياء البلد أن يعرف أبي وهو رجل متواضع جدا عاش مستوراً حتى آخر يوم في حياته؟
قال الرجل :
- دعني أخبرك بالحكاية منذ البداية, فمنذ سنوات عديدة كنت ما زلت شابا في مقتبل العمر، ولكني كنت مثلك دون واسطة ودون نقود, وفي أحد الأيام كنت أريد أن أتقدم بطلب وظيفة مثلما تفعل أنت الآن ولكن المشكلة أني لم أكن أمتلك أي نقود كي اذهب بها إلى المدينة التي تعرض الوظيفة، فجلست حائرا مهموماً في محطة الحافلات ولا أدري من أين أحصل على ثمن التذكرة, وكان يجلس إلي جانبي شاب آخر، سألني عن سبب حزني فأخبرته بما يحدث معي, فمد يده في جيبه وأخرج محفظته وأخرج منها كل ما فيها من نقود وأعطاني إياها.. استغربت وأخبرته أني لا أستطيع قبولها ولكن بعد إصراره الشديد أخذتها وسألته كيف أردها له؟ فأخبرني أنه لا يريدها ولكن إذا منّ الله عليّ فيجب أن أجعلها صدقة جارية بأن أساعد كل يوم شخصا محتاجاً دون أن أعرف من هو, فقلت له أخبرني اسمك على الأقل، فقال لي إن اسمه وحيد فريد ويلقبه أصدقاؤه بأبي سعيد. وعندما تركته وذهبت وجدت أنه قد نسي صورة له بين النقود، فاحتفظت بها ذكرى عن هذا الرجل الكريم, و مضيت إلى المدينة وتوظفت وترقيت وأسست شركتي الخاصة، وازدهرت أعمالي وبحثت عن والدك في كل مكان فلم أجده، وأقسمت أن أحفظ أمانته ما حييت، ومن يومها وأنا أساعد كل يوم شخصاً لا أعرفه، فتارة أجلس في محطات الحافلات وتارة في المساجد وتارة في المستشفيات، ويشهد الله أنه لم يمضِ يومٌ واحدٌ إلا وقد ساعدت محتاجاً وكلما شكرني قلت له عليك أن تشكر أبا سعيد فلولاه لما كنت قادرا على مساعدتك! .. اعلم يا بني أن المرحوم أباك شريكٌ لي في كل خير فعلته وفي كل صدقة أعطيتها.
دمعت عينا سعيد وقال :
- رحم الله والدي فقد كان دوماً يحضني على مساعدة الآخرين ويقول لي يا ولدي ساعد خلق الله فيجزيك خالقهم عنك خير جزاء في حياتك أو مماتك أو في أولادك من بعدك، ولا تستخف بأي عمل خير مهما صغر، فقد يغير حياة إنسان دون أن تدري.
نهض الثري وعينه تدمع هو الآخر وقال:
- والله إنني لم أفحص طلب توظيف لأي أحد بنفسي منذ عشرين سنة، وعندي أشخاصٌ يقومون بذلك، إلا أن هاتفاً دفعني أن أطلب من مدير مكتبي كل ملفات التوظيف الجديدة وأنا نفسي لا ادري لماذا, وأخذت أتفحصها واحداً واحداً وما أن وقعت عيناي على صورتك حتى عرفتك على الفور، فأنت صورة طبق الأصل عن المرحوم والدك، والحمد لله أنني سأستطيع أن أرد جميله وفضله, واعلم أنك قد تعينت عندي وفي مكتبي الخاص، وسأحرص على أن أجعل منك إنساناً ناجحاً يفخر بك المرحوم والدك.
حسين عدلأن