قرية الكاسنجر.. ملتقي سحر الطبيعة مع سحر عبقر
قرية الكاسنجر من قري ريفي كريمة – محافظة مروي تقع إلي الشرق من كريمة وتبعد عنها بضع كيلومترات ، وهي من قري الشرق لوقوعها شرق النيل بالنظر إلي مجراه الطويل من الجنوب إلي الشمال ألا أن النيل عند الكاسنجر يجري من الشرق إلي الغرب متخلياً عن عادته في مسيرته العظيمة .
والكاسنجر ذات امتداد طويل علي النيل قسمت عل ينسقه إلي أربع مناطق بدءاً من السويقات – وأنت قادم من كريمة - ثم الكاسنجر بحري وبعدها الكاسنجر قبلي ، ثم الكوع . وتُحد الكاسنجر شرقاً بالحمداب التي تليها أمري آخر مناطق ديار شايق .. وتقابل الكاسنجر بالضفة الاخري للنيل منطقة نوري بامتدادها الطويل .
وتتخلل مجري النيل عند الكاسنجر الكثير من الجُزر الساحرة والخلابة والتي ظلت تجلب السياح من مختلف مناطق الدنيا – أيام كانت للسياحة حياة في سوداننا الحبيب – فكثيراً ما كان يرتادها السياح للتأمل في سحر الطبيعة الجاذب .. ولاغرو أن يقول فيها مخرج فيلم عرس الزين – وهو يتحدث عن جزر الكاسنجر (( ولا جزر أوهايو )) .
والكاسنجر ذات طبيعة جغرافية متباينة .. ما بين الأراضي الزراعية الشاسعة الي المناطق الحجرية والصخرية .. فالمسافات الواسعة في السويقات تضيق وتضيق مروراً ببحري ثم قبلي و الكوع . إلا أن أهلنا – وحرفتهم الزراعة – يجدون متنفساً رحباً في الجزر الكثيرة الممتدة علي شريط النيل يمارسون فيها الزراعة فتدر عليهم ما يثلجون به صدر كريمة من الخضر والفاكهة ..
والنجيل هو خدن أهل الشمال وصديقهم الوفي ، أرتبط تاريخهم بتاريخه وهو معهم ما امتد بالشمالية وأهلها عُمر . فبثماره تنداح البشارات علي وجوهم وهو من بعد يظلهم ويسندون ظهورهم إلي جذوعه مثلما يسندون عليه آمالهم وطموحاتهم .
والكاسنجر بلد علم وتعليم .. كانت بها خلاوي كثيرة تقريء .. ومن أشهرها خلاوي أولادجابر بجزيرة ترج وخلاوي حاج الماحي ، وخلوة الشيخ زكريا ، وأهل الكاسنجر من الذين أولوا التعليم اهتمامهم منذ أمد بعيد حتي أن خريجيها في الجامعات من كبار السن يتجاوز عددهم المائة .
والكاسنجر ليست بدعاً من كل قري الشمال فتخلو من الإبداع والمبدعين .. وتاريخها في الأدب عريق لا تصل إلي جذوره حدود معرفتنا بالكاسنجر وتاريخها الموقل في القدم .. الا أننا نبدأ بذكر حاج الماحي ذلك العاشق الهايم بحب النبي ( صلي الله عليه وسلم ) ، والذي خلف لنا كنزاً من كنوز المديح لم يقف الناس علي كل ما يحمل من معان وقيم ، ولم يستكهنوا كل ما استغلق من أسراره بعد .
وقد ظللنا كلما سئلنا عن أصولنا نربط الكاسنجر بذكر حاج الماحي فيزول الاستفهام عن العيون وتغمرها الأشواق والشجون . ثم هنالك وراق محمد خير ، رئيس أول حكومة أدبية بالكاسنجر – وهي حكومة تفصل في القضايا الطريفة التي يقع فيها الشعراء أنفسهم ، وهنالك الخليفة الماحي المبارك شيخ الفكاهة والأدب وعلي محمد عود شيخ الغزل ، ثم من بعدهم أستاذ هذا الجيل من شعراء الكاسنجر الشاعر وراق المجذوب وفي معيته أسماء وأسماء ..
والكاسنجر كذلك رائدة من رواد المسرح ... بدأ فيها نشاطه مبكراً في منتصف هذا القرن ، وتكونت فيها الفرق المسرحية ، ونذكر من الرواد الحسين ودحامد وعبيد صابر وحاج موسي ..
وظل المسرح قيمة حقيقية يهتم بها أهل الكاسنجر يوقدون شعلتها ويذكرون حماستها حتي قويت شوكة المسرح في الكاسنجر علي يد الحسين محمد الحسين وأحمد علي الماحي والذي أشتهر (( بالشايقي )) وسميت الفرقة بفرقة الشايقي المسرحية .. وطافت هذه الفرقة قري ومناطق الشرق تتحفها بإبداعاتها وفنونها حتي أصبحت بشارة سعد في أعياد المنطقة ، وأكبر ظننا أنه لو لا ضيق الإمكانيات لكانت هذه الفرقة الآن علماً من أعلام المسرح السوداني .
والكاسنجر أخيراً ليست قطعة من الجنة و لم تسقط سهواً من رضوان ولم تهبط مع أبينا آدم عليه السلام .. ولم ينزلها الله تعالي كما أنزل الحديد ...
لذلك فنحن لا ندعي أنك إذا ذهبت إليها سوف تحظي بالنعيم المقيم ولا لأنك لن تعاني ... ولكننا نجزم أنك سوف تجد فيها من سحر الطبيعة ما يسترق اهتمامك وإحساسك بالدهشة والروعة .
المصدر : صحيفة رابطة أبناء الكاسنجر 1999م
قرية الكاسنجر من قري ريفي كريمة – محافظة مروي تقع إلي الشرق من كريمة وتبعد عنها بضع كيلومترات ، وهي من قري الشرق لوقوعها شرق النيل بالنظر إلي مجراه الطويل من الجنوب إلي الشمال ألا أن النيل عند الكاسنجر يجري من الشرق إلي الغرب متخلياً عن عادته في مسيرته العظيمة .
والكاسنجر ذات امتداد طويل علي النيل قسمت عل ينسقه إلي أربع مناطق بدءاً من السويقات – وأنت قادم من كريمة - ثم الكاسنجر بحري وبعدها الكاسنجر قبلي ، ثم الكوع . وتُحد الكاسنجر شرقاً بالحمداب التي تليها أمري آخر مناطق ديار شايق .. وتقابل الكاسنجر بالضفة الاخري للنيل منطقة نوري بامتدادها الطويل .
وتتخلل مجري النيل عند الكاسنجر الكثير من الجُزر الساحرة والخلابة والتي ظلت تجلب السياح من مختلف مناطق الدنيا – أيام كانت للسياحة حياة في سوداننا الحبيب – فكثيراً ما كان يرتادها السياح للتأمل في سحر الطبيعة الجاذب .. ولاغرو أن يقول فيها مخرج فيلم عرس الزين – وهو يتحدث عن جزر الكاسنجر (( ولا جزر أوهايو )) .
والكاسنجر ذات طبيعة جغرافية متباينة .. ما بين الأراضي الزراعية الشاسعة الي المناطق الحجرية والصخرية .. فالمسافات الواسعة في السويقات تضيق وتضيق مروراً ببحري ثم قبلي و الكوع . إلا أن أهلنا – وحرفتهم الزراعة – يجدون متنفساً رحباً في الجزر الكثيرة الممتدة علي شريط النيل يمارسون فيها الزراعة فتدر عليهم ما يثلجون به صدر كريمة من الخضر والفاكهة ..
والنجيل هو خدن أهل الشمال وصديقهم الوفي ، أرتبط تاريخهم بتاريخه وهو معهم ما امتد بالشمالية وأهلها عُمر . فبثماره تنداح البشارات علي وجوهم وهو من بعد يظلهم ويسندون ظهورهم إلي جذوعه مثلما يسندون عليه آمالهم وطموحاتهم .
والكاسنجر بلد علم وتعليم .. كانت بها خلاوي كثيرة تقريء .. ومن أشهرها خلاوي أولادجابر بجزيرة ترج وخلاوي حاج الماحي ، وخلوة الشيخ زكريا ، وأهل الكاسنجر من الذين أولوا التعليم اهتمامهم منذ أمد بعيد حتي أن خريجيها في الجامعات من كبار السن يتجاوز عددهم المائة .
والكاسنجر ليست بدعاً من كل قري الشمال فتخلو من الإبداع والمبدعين .. وتاريخها في الأدب عريق لا تصل إلي جذوره حدود معرفتنا بالكاسنجر وتاريخها الموقل في القدم .. الا أننا نبدأ بذكر حاج الماحي ذلك العاشق الهايم بحب النبي ( صلي الله عليه وسلم ) ، والذي خلف لنا كنزاً من كنوز المديح لم يقف الناس علي كل ما يحمل من معان وقيم ، ولم يستكهنوا كل ما استغلق من أسراره بعد .
وقد ظللنا كلما سئلنا عن أصولنا نربط الكاسنجر بذكر حاج الماحي فيزول الاستفهام عن العيون وتغمرها الأشواق والشجون . ثم هنالك وراق محمد خير ، رئيس أول حكومة أدبية بالكاسنجر – وهي حكومة تفصل في القضايا الطريفة التي يقع فيها الشعراء أنفسهم ، وهنالك الخليفة الماحي المبارك شيخ الفكاهة والأدب وعلي محمد عود شيخ الغزل ، ثم من بعدهم أستاذ هذا الجيل من شعراء الكاسنجر الشاعر وراق المجذوب وفي معيته أسماء وأسماء ..
والكاسنجر كذلك رائدة من رواد المسرح ... بدأ فيها نشاطه مبكراً في منتصف هذا القرن ، وتكونت فيها الفرق المسرحية ، ونذكر من الرواد الحسين ودحامد وعبيد صابر وحاج موسي ..
وظل المسرح قيمة حقيقية يهتم بها أهل الكاسنجر يوقدون شعلتها ويذكرون حماستها حتي قويت شوكة المسرح في الكاسنجر علي يد الحسين محمد الحسين وأحمد علي الماحي والذي أشتهر (( بالشايقي )) وسميت الفرقة بفرقة الشايقي المسرحية .. وطافت هذه الفرقة قري ومناطق الشرق تتحفها بإبداعاتها وفنونها حتي أصبحت بشارة سعد في أعياد المنطقة ، وأكبر ظننا أنه لو لا ضيق الإمكانيات لكانت هذه الفرقة الآن علماً من أعلام المسرح السوداني .
والكاسنجر أخيراً ليست قطعة من الجنة و لم تسقط سهواً من رضوان ولم تهبط مع أبينا آدم عليه السلام .. ولم ينزلها الله تعالي كما أنزل الحديد ...
لذلك فنحن لا ندعي أنك إذا ذهبت إليها سوف تحظي بالنعيم المقيم ولا لأنك لن تعاني ... ولكننا نجزم أنك سوف تجد فيها من سحر الطبيعة ما يسترق اهتمامك وإحساسك بالدهشة والروعة .
المصدر : صحيفة رابطة أبناء الكاسنجر 1999م