وفي الأدب العربي القديم والحديث تغنى الكثير من الشعراء بفرحة شهر رمضان ومنهم البحتري الذي قال في مديح الخليفة المعتصم:
بالبر صمت وأنت أفضل صائم
وبســــــــــنة الله الرضية تفطر
*التهنئة بقدوم شهر رمضان*
ومن أحسن ما قيل في التهنئة بقدوم شهر رمضان:
نلت في ذات الصيام مــا ترتجيـه
ووقـــاك الله له مــا تتقيه
أنت في الناس مثل شهرك في الأشـ
هر أو مثل ليلة البــدر فيــه
ولهبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك في التهنئة بقدوم شهر رمضان من قصيدة طويلة:
تَهَنَّ بهذا الصوم يا خير صــائر
إلى كل ما يهوى ويا خير صائم
ومن صام عن كل الفواحش عمره
فأهون شيءٍ هجره للمطاعــم
ويقول عمارة اليمني:
وهنئت من شهر الصيام بزائر
مناه لو أن الشهر عندك أشهر
وما العيد إلا أنت فانظر هلاله
فما هو إلا في عدوك خنجـر
وللأمير تميم بن المعز لدين الله يهنئ الخليفة العزيز بالله بقدوم شهر رمضان:
ليهنئك أن الصوم فرض مؤكد
من الله مفروض على كل مسلم
وأنك مفروض المحبة مثلــه
علينا بحق قلت لا بالتوهـــم
*فضائل شهر رمضان*
تحدث الكثير من الشعراء العرب على مر العصور الإسلامية عن فضائل الشهر الكريم فقال أحدهم:
أدِم الصيام مع القيام تعبــــدا
فكلاهما عملان مقبـولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم
إلا كنومة حائر ولهــان
فلربما تأتي المنية بغتـــــة
فتساق من فرس إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجـى
من خشية الرحمن باكيتان
وللصاحب بن عباد:
قد تعدَّوا على الصيام وقالوا
حرم العبد فيه حسن العوائد
كذبوا في الصيام للمرء مهما
كان مستيقظًا أتم الفوائــد
موقف بالنهار غير مريـب
واجتماع بالليل عند المساجد
وأنشد القاضي أبو الحسن ابن النبيه:
حبذا في الصيام مئذنة الجامع
والليــــــــــــل مسبـــل إزباله ْ
خلتها والفانوس إذا رفعته
صائدًا واقفًا لصيد الغزالةْ
*صوم الجوارح*
وفي شهر الصيام ، تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ، فتصوم العين بغضها عما حرم الله النظر إليه، ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة ، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه ، ويصوم البطن عن تناول الحرام ، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض . وفي ذلك يقول أبو بكر عطية الأندلسي :
إذا لم يكن في السمع مني تصامـــم
وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت
ويقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن العيوب والآثام :
يا ذا الذي صام عن الطعام
ليتك صمت عــن الظــلم
هل ينفع الصوم امرؤ طالما
أحشاؤه مــلأى مــن الإثم
ويؤكد أحمد شوقي ذات المعنى فيقول :
يا مديم الصوم في الشهر الكريم
صم عن الغيبة يوما والنمـيم
و قال أيضا:
وصلِّ صلاة من يرجو ويخشى
وقبل الصوم صم عن كل فحشا
ولقد ذم بعض الشعراء ذلك الصنف من الموسرين البخلاء في رمضان والذين لم يعودوا أنفسهم على الجود والكرم والعطاء ، وفي هذا يقول الشاعر علي الجارم الذي نزل ضيفا عند أحد البخلاء فهجاه بقوله :
أتى رمضـان غير أن سـراتنا
يزيـدون صومـا تضيق به النفـس
يصومون صوم المسلمين نهاره
وصوم النصارى حينما تغرب الشمس
*ريح المسك*
وإذا كان الجوع سببا من أسباب رائحة الفم الكريهة ، فإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، كما حدَّث بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي هذا المعنى يقول الشاعر الكبير " محمد حسن فقي "في قصيدة زادت أبياتها على 150 بيتا ، نظمها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك :
رمضان في قلبي هماهم نشـــــــوة
من قبل رؤية وجهك الوضــاء
وعلى فمي طعم أحسّ بأنــه الكتاب ولا تنم
من طعم تلك الجنة الخضــراء
لا طعم دنيانا فليس بوسعــها بغتــــة
تقديم هذا الطعم للخلـفــــاء
ما ذقتُ قط ولا شعـــــرت بمثلـــه
ألا أكون به من السعــــداء
* ترقب صوت المؤذن*
يصور مشهد الصائمين المترقبين صوت المؤذن منتظرين في خشوع ورهبة نداءه فيقول:
جعلت الناس في وقت المغيــب
عبيد ندائك العاتي الرهيـب
كما ارتقبوا الأذان كأن جرحــا
يعذبهم ، تلفَّت للطبيـــب
وأتلعت الرقاب بهم فلاحـوا بغتة
كركبان على بلد غريــب
عتاة الأنس أنت نسخت منهــم
تذلل أوجه وضنى جنـوب
وبأسلوب النثر الأدبي
يرسم لنا طه حسين لحظات الإفطار فيقول :
فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصـــــغت الأذان لاستماع الآذان ..
وطاشت نكهـــــة الطعـــــام بالعقـــول والأحــــلام ..
فترى أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصـوفة..
تملك على الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب ..
الآن يشـــق السمع دوي المدفـع ، فتنظر إلى الظماء وقد وردوا الماء ..
وإلى الجياع طافوا بالقصاع ..
تجد أفواهاً تلتقم وحلوقا تلتهم..
وألوانا تبيد وبطونا تستزيد..
ولا تزال الصحـــائف ترفع وتوضــع والأيــدي تذهب وتعود ..
وتدعــــو الأجواف قدني .. قدني .. وتصيح البطون قطني .. قطني ..
ومع تعــدد أصناف الطعـــام على مائدة الفطـــور في رمضان ..
فإن الفــول المدمــس هو الصنف الأهم والأكثــر ابتعــاثا للشهية.
* مناجاة رمضان*
يناجي الشاعر أحمد مخيمر رمضان قائلا :
أنت في الدهر غرة وعلـى الأر
ض سلام وفي السماء دعـــاء
يتلقاك عند لقيـــاك أهل الـ
ـبر والمؤمنون والأصفيـــاء
فلهم في النهار نجوى وتسبيــ
ـح وفي الليل أدمــع ونــداء
ليلة القدر عندهم فرحة العمـ
ـر تدانت على سناها السمــاء
في انتظار لنورها كل ليـــل
يتمنى الهدى ويدعو الرجـــاء
وتعيش الأرواح في فلق الأشوا
ق حتى يباح فيــها اللقـــاء
فإذا الكون فرحة تغمر الخلــ
ــق إليه تبتـل الأتقيــــاء
وإذا الأرض في سلام وأمــن
وإذا الفجر نشـــوة وصفــاء
وكأني أرى الملائكة الأبـــ
ــرار فيهـا وحولها الأنبيــاء
نزلوا فوقها من الملأ الأعلــ
ـى فأين الشقـاء والأشقـياء ؟
* وفي رمضان تتجه النفوس إلى الله بخشوع وإيمان*
وفي ذلك يقول الشاعر مصطفى حمام:
حدِّثونا عن راحة القيد فيـه
حدثونا عن نعمة الحرمـان
هو للناس قاهر دون قهــر
وهو سلطانهم بلا سلطـان
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا
خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي
كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا
ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟
* الدعوة إلى الاعتدال في الطعام*
وفي رمضان نرى كثيرا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام ، وقد يأكلون في شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره ، وأمثال هؤلاء لا يستفيدون من الصوم الفائدة المرجوة . وفي ذلك يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب :
وأغبى العالمين فتى أكــول
لفطنته ببطنته انــــهزام
ولو أني استطعت صيام دهري
لصمت فكان ديـدني الصيام
ولكن لا أصوم صيام قــوم
تكاثر في فطورهم الطعــام
فإن وضح النهار طووا جياعا
وقد هموا إذا اختلط الظـلام
وقالوا يا نهار لئن تــجعنا
فإن الليل منك لنا انتـقـام
وناموا متخمين على امتـلاء
وقد يتجشئون وهم نــيام
فقل للصائمين أداء فــرض
ألا ما هكذا فرض الصـيام
* حلوى رمضان*
أما حلوى رمضان الخاصة مثل القطائف والكنافة فيقول فيها الشاعر المصري الفاطمي ابن نباتة:
رعا الله نعماك التي من أقلها
قطائف من قطر النبات لها قطر
أمد له كفي فاهتز فرحــــة
كما انتفض العصفور بلله القطر
ولبرهان الدين القيراطي قصيدة كتبها إلى القاضي نور الدين بن حجر والد القاضي شهاب الدين يقول فيها:
مولاي نور الدين ضيفك لم يزل
يروي مكارمك الصحيحة عن عطا
صدقت قطائفك الكبـــار حلاوة
بغمر وليس بمنكر صـــدق القطا
* فانوس رمضان*
ويبدو أن فانوس كان موضوعًا للكثير من قصائد شعرائنا.. فيقول علي بن ظافر الأديب المصري المتوفى 613هـ: اقترح بعض الحاضرين في مجلس الأديب أبي الحجاج يوسف بن علي أن ينشدهم شيئًا عن الفانوس -بقصد تعجيزه- فقال:
ونجم من الفانوس يشرق ضوؤه
ولكنــــه دون الكواكــــب لا يسري
ولـــم أر نجمًا قـــط قبل طلوعـه
بإذا غاب ينهى الصائمين عن الفطر
* رمضان والفصول الأربعة *
والمعروف أن شهر رمضان يدور على فصول السنة كلها مرة كل 33 عامًا، فيأتي في الصيف والشتاء والخريف والربيع، وبالطبع يكون أشد ما يكون في الصيف حين ترتفع درجة الحرارة، ويزيد شعور الصائمين بالظمأ كما يصف ذلك ابن الرومي مبالغًا:
شهر الصيام مبارك
ما لم يكن في شهر آب
خِفت العذاب فصمته
فوقعت في نفس العذاب
ويكمل المعنى نفسه شاعر آخر قائلاً:
اليـــوم فيه كأنـــه
من طوله يوم الحساب
خوالليل فيه كأنه
ليل التواصل والعتاب
*وداع شهر رمضان*
أما وداع رمضان فنجده في هذه القصيدة التي يصف فيها الشاعر كيف سيكون مآل الناس، وهل ستقبل أعمالهم عند رب العزة العظيم؟:
أي شــــهر قد تولى
يــــا عبــــاد الله عنــــا
حق أن نبكي عليـــه
بـــدماء لــــــو عقلنـــــا
كيف لا نبكي لشهر
مــــرَّ بالغفلـــــــة عنــــا
ثـــم لا نعلـــم أنـــّا
قــــد قُبلنــــا أم حُرمنــا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا
ويودع الشاعر الأبيوردي رمضان قائلاً:
صوم أغار عليه فطر
كالنجم بر سناه جمـــر
بِنْ يا صيام فلم تزل
فرعًا له الإفطار بحـــر
وله الشهـــور وإنما
لك من جميع الحول شهر
ما كنت أول راحـــل
ودعت بالزفرات جمـــر
لكالظعن ليلة فاح في
خيب التفرق منه عطـــر
* الترحيب العيد والتهنئة بقدومه*
ثم يأتي عيد الفطر وتبدأ التهاني بقدومه كما في قول شاعر الدولة الفاطمية تميم بن المعز:
أهنيك بالعيد الذي أنت عيده
ونور سنا إقباله حين يسطع
أما شاعر الدولة العباسية ابن المعز فيقول مهنئًا الخليفة:
لئن أتى العيد من لقياك في فرح
لقد مضى الصوم من منآك في ثكل
برزت فيه بروز الشمس طالعة
وقد أعاد الضحاء النفع كالطفـــل
ولمحمد بن الرومي:
ولما انقضى شــهر الصيام بفضله
تحلى هلال العيد من جانب الغرب
كحاجب شيخ شاب من طول عمره
يشير لنا بالرمز للأكل والشـــرب
ولابن قلاقس:
وهلال شــــوال يقول مصدقًا
بيدي غصبت النون من رمضان
ولابن المعتز:
أهلاً بفطر قد أتــاك هلالـــه
فالآن فاغد إلى السرور وبكِّر
فكأنما هو زورق من فضة
قد أثقلته حمولــــة من عنبر
ويهنئ الشاعر العباسي البحتري الخليفة المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد لصيام شهر رمضان ولحلول عيد الفطر:
بالبر صُمتَ وأنت أفضل صائم
وبسنـــة الله الرضية تُفطر
فــــانعم بعيـــــد الفطر عيدًا إنــه
يوم أغر من الزمان مُشهرُ
وفي التهنئة بالعيد ما كتبه ابن سكرة الهاشمي مهنئًا أبا الحسن محمد بن عمر:
أتــاك العيد مقتبلاً جديدًا
وجـــــدّك فيه مقتبل جـديد
تهني الناس بالأعياد فينا
وأنت لنا برغم العيد عيد
انتهى الموضوع (( منقووول))وان شاء الله تجدون فيه الفائده والمعذره على الاطاله
ودمتم بحفظ الرحمن
** رمضان بلغة الشعر العربي**
بالبر صمت وأنت أفضل صائم
وبســــــــــنة الله الرضية تفطر
*التهنئة بقدوم شهر رمضان*
ومن أحسن ما قيل في التهنئة بقدوم شهر رمضان:
نلت في ذات الصيام مــا ترتجيـه
ووقـــاك الله له مــا تتقيه
أنت في الناس مثل شهرك في الأشـ
هر أو مثل ليلة البــدر فيــه
ولهبة الله بن الرشيد جعفر بن سناء الملك في التهنئة بقدوم شهر رمضان من قصيدة طويلة:
تَهَنَّ بهذا الصوم يا خير صــائر
إلى كل ما يهوى ويا خير صائم
ومن صام عن كل الفواحش عمره
فأهون شيءٍ هجره للمطاعــم
ويقول عمارة اليمني:
وهنئت من شهر الصيام بزائر
مناه لو أن الشهر عندك أشهر
وما العيد إلا أنت فانظر هلاله
فما هو إلا في عدوك خنجـر
وللأمير تميم بن المعز لدين الله يهنئ الخليفة العزيز بالله بقدوم شهر رمضان:
ليهنئك أن الصوم فرض مؤكد
من الله مفروض على كل مسلم
وأنك مفروض المحبة مثلــه
علينا بحق قلت لا بالتوهـــم
*فضائل شهر رمضان*
تحدث الكثير من الشعراء العرب على مر العصور الإسلامية عن فضائل الشهر الكريم فقال أحدهم:
أدِم الصيام مع القيام تعبــــدا
فكلاهما عملان مقبـولان
قم في الدجى واتل الكتاب ولا تنم
إلا كنومة حائر ولهــان
فلربما تأتي المنية بغتـــــة
فتساق من فرس إلى أكفان
يا حبذا عينان في غسق الدجـى
من خشية الرحمن باكيتان
وللصاحب بن عباد:
قد تعدَّوا على الصيام وقالوا
حرم العبد فيه حسن العوائد
كذبوا في الصيام للمرء مهما
كان مستيقظًا أتم الفوائــد
موقف بالنهار غير مريـب
واجتماع بالليل عند المساجد
وأنشد القاضي أبو الحسن ابن النبيه:
حبذا في الصيام مئذنة الجامع
والليــــــــــــل مسبـــل إزباله ْ
خلتها والفانوس إذا رفعته
صائدًا واقفًا لصيد الغزالةْ
*صوم الجوارح*
وفي شهر الصيام ، تصوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى ، فتصوم العين بغضها عما حرم الله النظر إليه، ويصوم اللسان عن الكذب والغيبة والنميمة ، وتصوم الأذن عن الإصغاء إلى ما نهى الله عنه ، ويصوم البطن عن تناول الحرام ، وتصوم اليد عن إيذاء الناس، والرجل تصوم عن المشي إلى الفساد فوق الأرض . وفي ذلك يقول أبو بكر عطية الأندلسي :
إذا لم يكن في السمع مني تصامـــم
وفي مقلتي غض، وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما
وإن قلت : إني صمت يوما فما صمت
ويقول الصابي في الذي يصوم عن الطعام فقط ويدعو إلى التخلي عن العيوب والآثام :
يا ذا الذي صام عن الطعام
ليتك صمت عــن الظــلم
هل ينفع الصوم امرؤ طالما
أحشاؤه مــلأى مــن الإثم
ويؤكد أحمد شوقي ذات المعنى فيقول :
يا مديم الصوم في الشهر الكريم
صم عن الغيبة يوما والنمـيم
و قال أيضا:
وصلِّ صلاة من يرجو ويخشى
وقبل الصوم صم عن كل فحشا
ولقد ذم بعض الشعراء ذلك الصنف من الموسرين البخلاء في رمضان والذين لم يعودوا أنفسهم على الجود والكرم والعطاء ، وفي هذا يقول الشاعر علي الجارم الذي نزل ضيفا عند أحد البخلاء فهجاه بقوله :
أتى رمضـان غير أن سـراتنا
يزيـدون صومـا تضيق به النفـس
يصومون صوم المسلمين نهاره
وصوم النصارى حينما تغرب الشمس
*ريح المسك*
وإذا كان الجوع سببا من أسباب رائحة الفم الكريهة ، فإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، كما حدَّث بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي هذا المعنى يقول الشاعر الكبير " محمد حسن فقي "في قصيدة زادت أبياتها على 150 بيتا ، نظمها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك :
رمضان في قلبي هماهم نشـــــــوة
من قبل رؤية وجهك الوضــاء
وعلى فمي طعم أحسّ بأنــه الكتاب ولا تنم
من طعم تلك الجنة الخضــراء
لا طعم دنيانا فليس بوسعــها بغتــــة
تقديم هذا الطعم للخلـفــــاء
ما ذقتُ قط ولا شعـــــرت بمثلـــه
ألا أكون به من السعــــداء
* ترقب صوت المؤذن*
يصور مشهد الصائمين المترقبين صوت المؤذن منتظرين في خشوع ورهبة نداءه فيقول:
جعلت الناس في وقت المغيــب
عبيد ندائك العاتي الرهيـب
كما ارتقبوا الأذان كأن جرحــا
يعذبهم ، تلفَّت للطبيـــب
وأتلعت الرقاب بهم فلاحـوا بغتة
كركبان على بلد غريــب
عتاة الأنس أنت نسخت منهــم
تذلل أوجه وضنى جنـوب
وبأسلوب النثر الأدبي
يرسم لنا طه حسين لحظات الإفطار فيقول :
فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصـــــغت الأذان لاستماع الآذان ..
وطاشت نكهـــــة الطعـــــام بالعقـــول والأحــــلام ..
فترى أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصـوفة..
تملك على الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب ..
الآن يشـــق السمع دوي المدفـع ، فتنظر إلى الظماء وقد وردوا الماء ..
وإلى الجياع طافوا بالقصاع ..
تجد أفواهاً تلتقم وحلوقا تلتهم..
وألوانا تبيد وبطونا تستزيد..
ولا تزال الصحـــائف ترفع وتوضــع والأيــدي تذهب وتعود ..
وتدعــــو الأجواف قدني .. قدني .. وتصيح البطون قطني .. قطني ..
ومع تعــدد أصناف الطعـــام على مائدة الفطـــور في رمضان ..
فإن الفــول المدمــس هو الصنف الأهم والأكثــر ابتعــاثا للشهية.
* مناجاة رمضان*
يناجي الشاعر أحمد مخيمر رمضان قائلا :
أنت في الدهر غرة وعلـى الأر
ض سلام وفي السماء دعـــاء
يتلقاك عند لقيـــاك أهل الـ
ـبر والمؤمنون والأصفيـــاء
فلهم في النهار نجوى وتسبيــ
ـح وفي الليل أدمــع ونــداء
ليلة القدر عندهم فرحة العمـ
ـر تدانت على سناها السمــاء
في انتظار لنورها كل ليـــل
يتمنى الهدى ويدعو الرجـــاء
وتعيش الأرواح في فلق الأشوا
ق حتى يباح فيــها اللقـــاء
فإذا الكون فرحة تغمر الخلــ
ــق إليه تبتـل الأتقيــــاء
وإذا الأرض في سلام وأمــن
وإذا الفجر نشـــوة وصفــاء
وكأني أرى الملائكة الأبـــ
ــرار فيهـا وحولها الأنبيــاء
نزلوا فوقها من الملأ الأعلــ
ـى فأين الشقـاء والأشقـياء ؟
* وفي رمضان تتجه النفوس إلى الله بخشوع وإيمان*
وفي ذلك يقول الشاعر مصطفى حمام:
حدِّثونا عن راحة القيد فيـه
حدثونا عن نعمة الحرمـان
هو للناس قاهر دون قهــر
وهو سلطانهم بلا سلطـان
قال جوعوا نهاركم فأطاعـوا
خشعا ، يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضــي
كلذيذ الأحلام للوسنـــان
كلما سرني قدومك أشــجا
ني نذير الفراق والهجـران
وستأتي بعد النوى ثـم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثـان؟
* الدعوة إلى الاعتدال في الطعام*
وفي رمضان نرى كثيرا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام ، وقد يأكلون في شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره ، وأمثال هؤلاء لا يستفيدون من الصوم الفائدة المرجوة . وفي ذلك يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب :
وأغبى العالمين فتى أكــول
لفطنته ببطنته انــــهزام
ولو أني استطعت صيام دهري
لصمت فكان ديـدني الصيام
ولكن لا أصوم صيام قــوم
تكاثر في فطورهم الطعــام
فإن وضح النهار طووا جياعا
وقد هموا إذا اختلط الظـلام
وقالوا يا نهار لئن تــجعنا
فإن الليل منك لنا انتـقـام
وناموا متخمين على امتـلاء
وقد يتجشئون وهم نــيام
فقل للصائمين أداء فــرض
ألا ما هكذا فرض الصـيام
* حلوى رمضان*
أما حلوى رمضان الخاصة مثل القطائف والكنافة فيقول فيها الشاعر المصري الفاطمي ابن نباتة:
رعا الله نعماك التي من أقلها
قطائف من قطر النبات لها قطر
أمد له كفي فاهتز فرحــــة
كما انتفض العصفور بلله القطر
ولبرهان الدين القيراطي قصيدة كتبها إلى القاضي نور الدين بن حجر والد القاضي شهاب الدين يقول فيها:
مولاي نور الدين ضيفك لم يزل
يروي مكارمك الصحيحة عن عطا
صدقت قطائفك الكبـــار حلاوة
بغمر وليس بمنكر صـــدق القطا
* فانوس رمضان*
ويبدو أن فانوس كان موضوعًا للكثير من قصائد شعرائنا.. فيقول علي بن ظافر الأديب المصري المتوفى 613هـ: اقترح بعض الحاضرين في مجلس الأديب أبي الحجاج يوسف بن علي أن ينشدهم شيئًا عن الفانوس -بقصد تعجيزه- فقال:
ونجم من الفانوس يشرق ضوؤه
ولكنــــه دون الكواكــــب لا يسري
ولـــم أر نجمًا قـــط قبل طلوعـه
بإذا غاب ينهى الصائمين عن الفطر
* رمضان والفصول الأربعة *
والمعروف أن شهر رمضان يدور على فصول السنة كلها مرة كل 33 عامًا، فيأتي في الصيف والشتاء والخريف والربيع، وبالطبع يكون أشد ما يكون في الصيف حين ترتفع درجة الحرارة، ويزيد شعور الصائمين بالظمأ كما يصف ذلك ابن الرومي مبالغًا:
شهر الصيام مبارك
ما لم يكن في شهر آب
خِفت العذاب فصمته
فوقعت في نفس العذاب
ويكمل المعنى نفسه شاعر آخر قائلاً:
اليـــوم فيه كأنـــه
من طوله يوم الحساب
خوالليل فيه كأنه
ليل التواصل والعتاب
*وداع شهر رمضان*
أما وداع رمضان فنجده في هذه القصيدة التي يصف فيها الشاعر كيف سيكون مآل الناس، وهل ستقبل أعمالهم عند رب العزة العظيم؟:
أي شــــهر قد تولى
يــــا عبــــاد الله عنــــا
حق أن نبكي عليـــه
بـــدماء لــــــو عقلنـــــا
كيف لا نبكي لشهر
مــــرَّ بالغفلـــــــة عنــــا
ثـــم لا نعلـــم أنـــّا
قــــد قُبلنــــا أم حُرمنــا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا
ويودع الشاعر الأبيوردي رمضان قائلاً:
صوم أغار عليه فطر
كالنجم بر سناه جمـــر
بِنْ يا صيام فلم تزل
فرعًا له الإفطار بحـــر
وله الشهـــور وإنما
لك من جميع الحول شهر
ما كنت أول راحـــل
ودعت بالزفرات جمـــر
لكالظعن ليلة فاح في
خيب التفرق منه عطـــر
* الترحيب العيد والتهنئة بقدومه*
ثم يأتي عيد الفطر وتبدأ التهاني بقدومه كما في قول شاعر الدولة الفاطمية تميم بن المعز:
أهنيك بالعيد الذي أنت عيده
ونور سنا إقباله حين يسطع
أما شاعر الدولة العباسية ابن المعز فيقول مهنئًا الخليفة:
لئن أتى العيد من لقياك في فرح
لقد مضى الصوم من منآك في ثكل
برزت فيه بروز الشمس طالعة
وقد أعاد الضحاء النفع كالطفـــل
ولمحمد بن الرومي:
ولما انقضى شــهر الصيام بفضله
تحلى هلال العيد من جانب الغرب
كحاجب شيخ شاب من طول عمره
يشير لنا بالرمز للأكل والشـــرب
ولابن قلاقس:
وهلال شــــوال يقول مصدقًا
بيدي غصبت النون من رمضان
ولابن المعتز:
أهلاً بفطر قد أتــاك هلالـــه
فالآن فاغد إلى السرور وبكِّر
فكأنما هو زورق من فضة
قد أثقلته حمولــــة من عنبر
ويهنئ الشاعر العباسي البحتري الخليفة المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد لصيام شهر رمضان ولحلول عيد الفطر:
بالبر صُمتَ وأنت أفضل صائم
وبسنـــة الله الرضية تُفطر
فــــانعم بعيـــــد الفطر عيدًا إنــه
يوم أغر من الزمان مُشهرُ
وفي التهنئة بالعيد ما كتبه ابن سكرة الهاشمي مهنئًا أبا الحسن محمد بن عمر:
أتــاك العيد مقتبلاً جديدًا
وجـــــدّك فيه مقتبل جـديد
تهني الناس بالأعياد فينا
وأنت لنا برغم العيد عيد
انتهى الموضوع (( منقووول))وان شاء الله تجدون فيه الفائده والمعذره على الاطاله
ودمتم بحفظ الرحمن
** رمضان بلغة الشعر العربي**